تشتهر شركة روكستار بالكثير من العناوين المميزة والسلاسل الأسطورية الممتدة حتى يومنا هذا، ولكن لا صوت يعلو فوق صوت GTA وRed Dead Redemption، فهما السلسلتان اللتان صعدا بسرعة الصاروخ وأصبحا السمة المميزة لهذه الشركة العريقة بفضل المبيعات الخيالية والمستوى الفني المتميز، وبسبب هذا النجاح، تخلت روكستار، أو على الأقل أجلت العمل على عناوين أخرى مثل Bully وLA Noire لدرجة تجعلنا نجزم بأنها تجاهلتهم كليًا.
وبسبب تركيز روكستار المُنصب على هاتين السلسلتين دون غيرهما، أصبح من البديهي والطبيعي أن يقارن الجمهور بينهما فقط، خصوصًا أنهما يشتركان في أن لهما عالمًا مفتوحًا، وتطور شخصيات واضح، وطابع سينمائي قصصي لا يمكن لأحد أن ينكره، ولكن في نفس الوقت هناك اختلافات واضحة أيضًا يمكننا أن نسلط الضوء عليها.
قصة GTA جيدة، ولكن RDR في مستوى آخر
على الرغم من قصة سلسلة Grand Theft Auto الجيدة وتركيز السلسلة عليها في الكثير من الأحيان، إلا أن سلسلة Red Dead Redemption نقلت القصة لمستوى متقدم من الصعب، بل يكاد يكون من المستحيل، أن يُضاهى. قصة John Martson وArthur Morgan وعالم العصابات بشكل عام كانت قصة محكمة الجوانب ذكرتنا بقصص الويسترن التي نشاهدها في هوليوود، بل وقد تكون تفوقت على معظمها. هذا إن دل على شيء، فيدل على تركيز RDR على القصة والمحتوى السينمائي كتوجه رئيسي.
على الجانب الآخر، نرى أن أجزاء سلسلة GTA، وبالتحديد الجزء الأخير من السلسلة GTA 5، قدم لنا قصة متماسكة هو الآخر، ولكننا نعلم أنها لم تكن مصب تركيز اللاعبين، بمعنى أن اللاعبين هم من يتحكمون في مسار القصة، ولا ينتظرون شيئًا سينمائيًا كما في RDR 2.
ما بين الجد والسخرية
تعتمد سلسلة Grand Theft Auto بشكل كبير على الوضع السياسي والاجتماعي القائم في العالم، وبالتحديد في الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ إن السلسلة قائمة في الأساس على السخرية من الواقع وتجسيده في صورة كوميدية واضحة في الرمزيات وغيرها، ولكن بطريقة مُبالغ فيها بشيء من الوضوح. على سبيل المثال، صورت لنا GTA مدينة لوس سانتوس على أنها لوس أنجلوس، ولا يخفى على أحدكم أن مدينة Vice City هي محاكاة لثمانينيات القرن الماضي في مدينة ميامي حيث انتشرت تجارة المخدرات والدعارة.
أما في Red Dead Redemption، نجد التركيز مُنصبّا على أحداث تاريخية غربية وقضايا اجتماعية شائكة كثيرًا ما يتم التطرق إليها مثل حق المرأة في التصويت، وحقوق السكان الأصليين للولايات المتحدة إلى آخره من القضايا الشائكة. وهنا يتجلى الفرق؛ فسلسلة GTA تتمتع بالهزل ولا تأخذ الأمور بشكل جدي مثلما تفعل سلسلة RDR التي لا تعرف سوى الجد بحكم أجواء الويسترن وعالمها الذي يستوجب ذلك.
RDR تركز على الشخصيات بينما تركز GTA على العالم
هل سبق وتساءلت عن سبب نجاح سلسلة GTA منقطع النظير؟ أتظن أن الشخصيات تلعب دورًا في هذا النجاح؟ ماذا لو سألتك عن أبرز الشخصيات في عالم الألعاب؟ هل ستذكر تومي من Vice City أو مايكل من GTA 5 أو نيكو بيليك من GTA 4؟ ربما، ولكن لا أظن. أعتقد أننا لا نجرؤ أن نقارن هؤلاء المذكورين بشخصيات مثل كريتوس، ونيثان دريك، وسوليد سنيك وغيرهم من الشخصيات الأيقونية في عالم الألعاب، ومع ذلك، تظل السلسلة التي تكتنف هذه الشخصيات من أشهر وأمتع السلاسل على مر التاريخ، وهذا بفضل التركيز على مختلف العوامل وإعطاء كل شيء حقه دون التركيز على عنصر واحد فقط بشكل كبير للغاية وهو الشخصيات.
في RDR الأمر مختلف تمامًا، فالشخصيات هناك يمكن اعتبارها من الأفضل في تاريخ الألعاب، ونحن هنا لا نتحدث عن شخصية واحدة فقط، بل العديد من الشخصيات مثل Aurthur Morgan، وJohn Marston، وDutch Van Der Linde. جميعهم علامات فارقة في هذه اللعبة، ويمكن اعتبارهم -بسهولة شديدة- من الشخصيات الأيقونية في تاريخ الألعاب. في نفس الوقت هذا لا يعني أن عالم RDR ليس قويًا، ولكننا اعتدنا على عالم GTA ويُمكن أن يعود السبب في ذلك إلى الفترة الطويلة التي عشناها مع السلسلة.
خلاصة القول
على الرغم من التشابهات في العالم المفتوح، والمنظور الثالث، والتوجه الفني المبهر، والإنتاج العملاق، إلا أن السلسلتين بهما من الاختلاف الصارخ ما يجذب انتباه القاصي والداني. الخلاصة أن GTA تركز على قصة اللاعبين أنفسهم، وتجعل اللاعب يصنع قصته الخاصة، بينما RDR تُعطيك القصة مُحكمة الجوانب وأنت عليك أن تسيرها في اتجاهها المرسوم منذ اللحظات الأولى. وسواء كنت من محبي هذه أو تلك، فأعتقد أنك لا يمكن أن تنكر مدى العظمة الموجودة في كلتيهما.