هناك الكثير من الحروب المستعرة بين الشركات في هذا العصر الرأسمالي. إذا اطلعت على أي مجال من مجالات السوق الحالية، فلا بد أن ترى صراعات تنافسية حادة بين كبار هذا المجال. ومجال الألعاب لا يحتاج توصيات، وبالتأكيد، إذا ذُكر مجال الألعاب أو Gaming، فلا بد أن نأتي على ذكر أكبر عملاقين في المجال، وهما الإكس بوكس Xbox والبلايستيشن PlayStation.
كان ولا يزال مجال الألعاب من أكبر المجالات التنافسية، وخصوصًا بعد ظهور فيروس كورونا، بالإضافة إلى جلوس الناس في منازلهم، وهو الأمر الذي جعلهم يدمنون ألعاب الفيديو والتي تعد أرضًا خصبة للإدمان، وبالتحديد للأطفال.
وبعد ظهور ما يمكن أن نسميه بالأجيال الجديدة لمشغلات الألعاب، أو دعنا نسميها “الكونسولز” للتسهيل، وجدنا إقبال تاريخي سواء على أحدث جهاز من سوني وهو البلايستيشن 5، أو سلسلة الإكس بوكس الجديدة Xbox X|S، والذي قام رئيس شركتها، فيل سبينسر، وقتها بتنزيل تغريدة على تويتر يشكر فيها اللاعبين الذين ابتاعوا الأجهزة الجديدة بمعدل لم يحدث من قبل وفي 24 ساعة فقط.
أجهزة الجيل الجديد، كما أسميناها، تحمل من المزايا ما يجعلها ملاذًا مريحًا للهروب من الواقع. إذا نظرنا إلى هذه الأجهزة فسنرى إمكانياتها الحوسبية الجبارة، ودعمها للـ 4K، وأداءها غير المتوقع، وغيرها من الأسباب التي تجعلها من أكثر الأجهزة ابتياعًا وقت صدورها.
كل من الشركتين، سواء سوني (صاحبة أجهزة البلايستيشن)، أو مايكروسوفت (مالكة أجهزة الإكس بوكس)، يعملان على بذل قصارى جهدهما في إنتاج الحصريات وجذب أكبر قاعدة جماهيرية قدر المستطاع.
السر في الحصريات
تدفع سوني ومايكروسوفت ملايين الدولارات للمطورين من أجل أن يحصلوا على خدماتهم الحصرية، في 2010 على سبيل المثال، دفعت شركة مايكروسوفت حوالي 75 مليون دولار أمريكي لشركة Rockstar الغنية عن التعريف لتحصل على Grand theft Auto بعد أن كانت من حصريات البلايستيشن 3.
الحصريات أصبحت من أهم أسباب نجاحات أجهزة الكونسولز، وهي بالمناسبة من أهم الأسباب التي تجعل اللاعبين الشغوفين يتعلقون بهذا النوع من الأجهزة ويفضلونه على الحاسب الشخصي.
تعمل سوني على هذه النقطة حاليًا من خلال البلايستيشن 5. من أهم أسباب التسويق لهذا الجهاز هو الحصريات. إذا نظرت للكثير من الحملات الدعائية، ستجد أسماء مشهورة مثل Uncharted، أو The Last of Us، أو التحفة الفنية الغنية عن التعريف، God of War كأحد أهم الحصريات المسجلة لسوني والتي تجلب لها ملايين الدولارات.
وبعيدًا عن الحصريات، سنرى أن سوني تستفاد أيضًا من الملحقات التي تميز اللاعبين الشغوفين مثل سماعات الرأس أو أنظمة الواقع الافتراضي Virtual Reality (VR) والتي بمفردها، باعت أكثر من 5 مليون قطعة حول العالم في الأجيال السابقة من البلايستيشن، فما بالك بمبيعاتها في وقت كهذا؟
في المقابل، سنرى أن شركة مايكروسوفت تخلت عن جهازها الكينيكت Kinect المُلحق بالإكس بوكس ون، وهو أحد أجهزة الجيل السابق، إن صح التعبير، والذي خيبت مبيعاته آمال الشركة.
ملحوظة صغيرة قبل أن نكمل: عندما نقول على PS4 أو Xbox One أنها أجهزة الجيل السابق، فنحن لا نقصد أنها لم تصبح مدعومة أو ما شابه، هي فقط نسخ أقدم لما نراه حاليًا، ولا أظن أن الشركات ستوقف الدعم من عليهما قبل 3 سنوات على الأقل. فما أقصده بالجيل السابق أن هناك أجهزة أحدث ظهرت على الساحة، هذا الأمر ببساطة.
نعود أدراجنا بالتحدث على مبيعات اشتراكات الألعاب، والتي لا شك أن شركة سوني فاقت مايكروسوفت فيها عندما يتعلق الأمر بالجيل السابق، PS4 vs Xbox One. ولكن مع بداية 2020، يبدو أن الأمر لم يعد كذلك!
PlayStation وXbox يريدون ولائك!
ومع ملاحظات فيل سبينسر (رئيس Xbox)، والتي أوضح فيها أن شغل الشركة الشاغل الآن يتعلق بجذب أكبر عدد من اللاعبين، وليس بيع أجهزة الكونسول الخاصة بالإكس بوكس، موضحًا أن الكونسولز أصبحت في المركز الثاني.
كان هذا هو السبب الذي دفع الشركة في توفير خدمة Microsoft Game Pass أو المدفوعة Xbox Game Pass، والتي تم إطلاقها في عام 2017 للوصول إلى أكبر عدد من اللاعبين سواء عبر ال Xbox أو أجهزة الحاسب الشخصي PC. كنا تحدثنا عن هذه الخدمة بالتفصيل. هذه الخدمة تشبه خدمة نيتفلكس، وحرصت مايكروسوفت على استغلالها وتطويرها قدر المستطاع.
ولتعلم مدى النجاح الذي وصلت إليه هذه الخدمة، أود أن أخبرك أنه وبرغم أن هذه الخدمة ليست إلزامية، إلا أن حوالي 70 في المئة من مستخدمي الإكس بوكس X| S مشتركون فيها، بالرغم أنها خدمة مدفوعة ويصل سعرها إلى 10 دولار.
ما يدعو للقلق بالنسبة لهذه الخدمة الرائعة أنها قد تصبح أغلى بكثير في المستقبل، فالخدمة توفر الكثير من المزايا والألعاب الحصرية وهذا قد يدفع الكثير من اللاعبين للاشتراك وهذا بدوره ما قد يدفع الشركة إلى رفع سعر الخدمة كثيرًا، هذا ما يعرف بالعرض والطلب، وهو قائم في جميع الأسواق.
كيف تعمل هذه الخدمات؟
بينما تلعب على جهازك الخاص في المنزل، فإن تلك التقنيات والخدمات تقوم على ما يعرف بالألعاب السحابية. هناك أجهزتك المحلية، وهناك البثوث العالمية والتي تتضمن بث الألعاب عبر الإنترنت عن طريق خوادم Servers بعيدة بملايين الأميال عنك لتوصل الخدمة إليك أينما كنت.
في السنوات السابقة، كنا نواجه الكثير من المشاكل المتعلقة بهذه الخدمات الأونلاين بسبب التأخير أو ال Latency وهو ما يسبب ارتفاع ال Ping كما يعرف الكثير من الناس، ولكن الأمر اختلف الآن مع القدرات الحوسبية الهائلة، وسرعات الانترنت التي أغرقت الأسواق، وبسبب الشركات العملاقة التي تسعى لتوفير هذه الخدمات السحابية مثل Google، وAmazon.
تعمل شركة سوني على خدمتها الخاصة المتعلقة بهذا الأمر والتي تدعى PS now والتي هي أرخص من Xbox Game Pass بالمناسبة، ولكنها تقدم ألعابًا أقدم. فخدمة PS now بدأت في 2014 بألعاب قديمة ومازالت ترتكز على هذا الأمر بما أن سعرها ليس مرتفعًا.
على الجانب الآخر، نرى أن شركة ميكروسوفت تبذل قصارى جهدها في مشروعها السحابي xCloud والذي يأتي كخدمة إضافية مع الـ Game pass وهو ما يسمح لك ببث ألعابك الجديدة مباشرةً على الهواتف أو أجهزة التابلت الخاصة بك دون الحاجة إلى جهاز Xbox من الأساس، فلا تنسى أن الخدمة تعمل على الحاسب الشخصي أيضًا.
في النهاية، يجب أن نعلم أن هذه الشركات تعمل على شراء ولاءك الآن، هذا الأمر هو ما سيدوم، وليس مبيعات الأجهزة.