رأينا مؤخرًا البوستر الخاص بحصريات سوني وقد غيّرت إحدى ألعابها الحصرية بصورة سام بريدجز من لعبة Death Stranding. هذا الأمر جعل الكثيرين يعتقد بأن سوني استحوذت على كوجيما برودكشنز، وهو استديو المطور المبدع هيديو كوجيما. هذا الأمر بدا منطقيًا بسبب عمل كليهما معًا؛ فاللعبة المذكورة كانت على منصة البلايستيشن قبل أن تكون على أي منصة أخرى، حتى الحاسب الشخصي.
بعد تلك التكهنات، خرج علينا هيديو بنفسه وحسم الجدل بقوله إن سوني لن تستحوذ على الاستديو خاصته، ومن الأفضل له أن يعمل مستقلًا. هذا الأمر هو ما نحن بصدد مناقشته اليوم. دائمًا ما عمل هيديو أفضل مستقلًا، وإذا كان المخرج العبقري يريد التوسع خارج إطار ألعاب الفيديو ففكرة التبعية لسوني لن تكون خيارًا مطروحًا.
ترك كونامي وتأسيس كوجيما برودكشنز
بدأت مسيرة المخرج في ألعاب الفيديو مع العملاق الياباني كونامي عام 1986، وهو الاستديو الغني عن التعريف والمبدع لعناوين مثل Castlevania، وContra، وPro Evolution Soccer.
عام 1987، كان البداية الحقيقية لانطلاقة كوجيما من خلال لعبة Metal Gear والتي ابتدأت تصنيف التخفي أو الـ Stealth. دارت اللعبة حول العميل المتخفي سوليد سنيك، والذي يعمل لمنظمة Foxhound، ولديه هدف ومهمة واحدة فقط، وهي التخفي واقتحام مخيمات الأعداء للقضاء على سلاح خطير يسمى Metal Gear.
نجحت اللعبة نجاحًا ساحقًا وتوالت الأجزاء اللاحقة منها لتصبح من أفضل سلاسل الألعاب. Metal Gear2: Solid Snake صدرت عام 1998، وكانت آخر ألعاب السلسلة ذات طابع ثنائي الأبعاد، ومن بعد ذلك رأينا Metal Gear Solid كأول لعبة ثلاثية الأبعاد في السلسلة.
من خلال اللعبة تعرفنا على تفكير الداهية كوجيما الاستراتيجي، وأنه قادر على خلق أفكار إبداعية تجذب الجماهير. أظهر كوجيما لنا أفكارًا ثورية لم يسبقه إليها أحد كما عمل ظهر حبه للسينما خلال تلك الأجزاء أيضًا من خلال بعض المشاهد.
استمرت علاقة هيديو مع كونامي لفترة لا بأس بها إلى أن اختلف الطرفان، ولا أحد يعلم السبب الحقيقي بالمناسبة. رحل كوجيما عن كونامي وأسس الاستديو الخاص به والذي حمل الاسم الذي نعرفه به اليوم. لسوء الحظ، أضعف رحيل المخرج المبدع فرص تجربتنا لألعاب أخرى من سلسلة Metal Gear، ولكن الجانب المليء من الكوب أن أفكاره المبدعة ما زالت مستمرة معنا اليوم بالاستديو المستقل خاصته.
ابداع كوجيما كمطور مستقل
بعدما ترك كوجيما كونامي، تحدث إلى مجلة Time وقال إن رحيله عن الشركة اليابانية كان أمرًا محطِمًا بالنسبة إليه. كان هناك وقت شعر فيه بأنه وحيد ومنبوذ، ولكنه عاد أقوى عندما شيد صرحه الجديد، وسرعان ما كون علاقات مع استديوهات أخرى، بل وشركات مثل سوني والتي على الرغم من كونه مستقلًا عنها، إلا أنه له علاقات وطيدة مع استديوهات مملوكة لها مثل Guerrilla Games.
كانت لعبة Death Stranding أول لعبة من تطوير الاستديو في 2019، وعلى الرغم من دعم سوني لها، إلا أن أفكار كوجيما كانت واضحة فيها وبينت لنا أنه مبدع وهو مستقل بنفس الدرجة التي أبدع فيها مع سوني. ظلت اللعبة محل جدال بالنسبة للكثيرين وانقسم اللاعبون فئتين؛ فئة تراها من الأعظم في العقد الأخير بسبب أفكارها المعقد، وفئة تعتقد أنها مملة وعبارة عن مجرد لعبة محاكاة للمشي وفقط، وبالمناسبة، انتشرت اللعبة بشكل هائل خلال الحجر المنزلي بسبب فيروس كورونا.
استحواذ سوني على استديو هيديو الخاص سيكون مفيدًا جدًا من الناحية المادية، وسيموله بسيولة تمنحه خيار تطوير الألعاب بشكل أفضل، ولكن المشكلة أنها ستتحكم في الأفكار وفي كل شيء تقريبًا، وهذا سيحد من إبداع هيديو، أما بقاؤه مستقلًا سيجعله يُبقي على التحرر الفكري وإقحام ما يريد من أفكار إبداعية، كما أنه سيستطيع التوسع في مجالات أخرى، وهذا ما سنتحدث عنه في الفقرة القادمة.
توسع كوجيما خارج نطاق صناعة الألعاب
لا يمكن لأحدنا أن ينكر شغف هيديو كوجيما بألعاب الفيديو. الرجل من طفولته وهو عاشق للأفلام والألعاب، حتى أن شعار الاستديو الخاص به عبارة عن رجل يرتدي بدلة فضاء ويُسمى Ludens، والتي تعني “اللعب” باللاتينية، ولكن لاحظ أننا ذكرنا حبه للأفلام بالأعلى؛ فتلك كانت شغف المخرج الأول والأخير وكانت صناعة الأفلام هي هوايته المفضلة.
أفلام كوجيما الأولى كانت مُصورة بكاميرا صديقه، وكانت أفلام حول عن الزومبيز. وعلى الرغم من شهرة كوجيما في عالم الألعاب الآن وابتعاده عن صناعة الأفلام، إلا أننا قد نرى توسع كوجيما برودكشنز في المستقبل ليصبح معنيًا بالأفلام أيضًا مع ألعاب الفيديو، وهذا الشيء ما لن تسمح به سوني إذا استحوذت على الاستديو.
سلسلة ألعاب Metal Gear أو Death Stranding يملكان قصة خصبة ومعقدة تجعل من فكرة تحويلهما إلى أفلام سينمائية فكرةً ناجحة، وهذا ما قد يخطط إليه هيديو في المستقبل.